( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب ( 30 ) إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ( 31 ) فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ( 32 ) ردوها علي : ( 33 ) )
يقول تعالى مخبرا أنه وهب لداود سليمان ، أي : نبيا كما قال : ( وورث سليمان داود ) أي : في النبوة وإلا فقد كان له بنون غيره ، فإنه قد كان عنده مائة امرأة حرائر .
وقوله : ( نعم العبد إنه أواب ) ثناء على سليمان - عليه السلام - بأنه كثير الطاعة والعبادة والإنابة إلى الله - عز وجل - .
وقوله : ( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ) أي : إذ عرض على سليمان في حال مملكته وسلطانه الخيل الصافنات .
قال مجاهد : وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة ، والجياد : السراع . وكذا قال غير واحد من السلف .
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن أبيه سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي في قوله : ( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ) قال : كانت عشرين فرسا ذات أجنحة . كذا رواه ابن جرير .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني عمارة بن غزية : أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة [ ص: 65 ] - رضي الله عنها - قالت : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك - أو خيبر - وفي سهوتها ستر فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة - لعب - فقال : " ما هذا يا عائشة ؟ " قالت : بناتي . ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال : " ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ " قالت : فرس . قال : " وما هذا الذي عليه ؟ " قالت : جناحان قال : " فرس له جناحان ؟ ! " قالت : أما سمعت أن لسليمان خيل لها أجنحة ؟ قالت : فضحك حتى رأيت نواجذه - صلى الله عليه وسلم -
وقوله : ( فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ) ذكر غير واحد من السلف والمفسرين أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت صلاة العصر والذي يقطع به أنه لم يتركها عمدا بل نسيانا كما شغل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق عن صلاة العصر حتى صلاها بعد الغروب وذلك ثابت في الصحيحين من غير وجه ، من ذلك عن جابر قال : جاء عمر ، رضي الله عنه يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش ، ويقول : يا رسول الله ، والله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والله ما صليتها " فقال : فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب
قال الحسن البصري . قال : لا والله لا تشغليني عن عبادة ربي آخر ما عليك . ثم أمر بها فعقرت . وكذا قال قتادة .
وقال السدي : ضرب أعناقها وعراقيبها بالسيوف .
اشتغل بها حتى خرج وقت الصلاة ; ولهذا لما خرج عنها لله تعالى عوضه الله تعالى ما هو خير منها وهي الريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب غدوها شهر ورواحها شهر فهذا أسرع وخير من الخيل
وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي قتادة وأبي الدهماء - وكانا يكثران السفر نحو البيت - قالا أتينا على رجل من أهل البادية ، فقال البدوي : أخذ بيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يعلمني مما علمه الله تعالى وقال : " إنك لا تدع شيئا اتقاء الله - عز وجل - إلا أعطاك الله خيرا منه "